http://download.media.islamway.com/several/164/02.mp3ليس الغريب ..
لَيْسَ الغَريـبُ غَريـبَ الشَّـأمِ واليَمَـنِإِنَّ الغَـريـبَ غَـريـبُ اللَّـحـدِ والكَـفَـنِ
إِنَّ الـغَـريِــبَ لَــــهُ حَــــقٌّ لِـغُـرْبَـتِــهِعلى الْمُقيمينَ في الأَوطـانِ والسَّكَـنِ
سَـفَـري بَعـيـدٌ وَزادي لَـــنْ يُبَلِّـغَـنـيوَقُوَّتـي ضَعُـفَـتْ والـمـوتُ يَطلُبُـنـي
وَلــي بَقـايـا ذُنــوبٍ لَـسْــتُ أَعْلَـمُـهـاالله يَعْلَـمُـهـا فــــي الــسِّــرِ والـعَـلَــنِ
مَــا أَحْـلَـمَ اللهَ عَـنـي حَـيْـثُ أَمْهَـلَـنـيوقَـدْ تَمادَيْـتُ فــي ذَنْـبـي ويَسْتُـرُنِـي
تَـمُــرُّ سـاعــاتُ أَيَّـامــي بِـــلا نَـــدَمٍولا بُـكــاءٍ وَلاخَــــوْفٍ ولا حَــــزَنِ
أَنَــا الَّــذِي أُغْـلِـقُ الأَبْــوابَ مُجْتَـهِـداًعَلـى المعاصِـي وَعَيْـنُ اللهِ تَنْظُرُنـي
يَــا زَلَّــةً كُتِـبَـتْ فــي غَفْـلَـةٍ ذَهَـبَــتْيَا حَسْـرَةً بَقِيَـتْ فـي القَلـبِ تُحْرِقُنـي
دَعْنـي أَنُــوحُ عَـلـى نَفْـسـي وَأَنْدِبُـهـاوَأَقْـطَـعُ الـدَّهْـرَ بِالتَّذْكِـيـرِ وَالـحَــزَنِ
كَأَنَّنـي بَـيـنَ تـلـك الأَهــلِ مُنطَـرِحَـاًعَـلــى الـفِــراشِ وَأَيْـديـهِــمْ تُقَـلِّـبُـنـي
وَقــد أَتَــوْا بِطَبـيـبٍ كَـــيْ يُعالِـجَـنـيوَلَــمْ أَرَ الـطِّـبَّ هــذا الـيـومَ يَنْفَعُـنـي
واشَتد نَزْعِي وَصَار المَوتُ يَجْذِبُهـامِـن كُـلِّ عِـرْقٍ بِـلا رِفـقٍ ولا هَــوَنِ
واستَخْرَجَ الرُّوحَ مِني في تَغَرْغُرِهاوصَارَ رِيقي مَريراً حِينَ غَرْغَرَنـي
وَغَمَّضُوني وَراحَ الكُـلُّ وانْصَرَفـوابَعْدَ الإِيـاسِ وَجَـدُّوا فـي شِـرَا الكَفَـنِ
وَقامَ مَنْ كـانَ حِـبَّ لنّـاسِ فـي عَجَـلٍنَـحْــوَ المُـغَـسِّـلِ يَأْتـيـنـي يُغَـسِّـلُـنـي
وَقـالَ يـا قَـوْمِ نَبْـغِـي غـاسِـلاً حَـذِقـاًحُـــراً أَرِيـبــاً لَبِـيـبـاً عَـارِفــاً فَـطِــنِ
فَـجـاءَنـي رَجُـــلٌ مِـنْـهُـمْ فَـجَـرَّدَنــيمِــنَ الـثِّـيـابِ وَأَعْـرَانــي وأَفْـرَدَنــي
وَأَوْدَعونـي عَلـى الأَلْـواحِ مُنْطَـرِحـاًوَصَارَ فَوْقـي خَرِيـرُ المـاءِ يَنْظِفُنـي
وَأَسْكَـبَ المـاءَ مِـنْ فَوقـي وَغَسَّلَـنـيغُسْـلاً ثَلاثـاً وَنَــادَى الـقَـوْمَ بِالكَـفَـنِ
وَأَلْبَـسُـونـي ثِـيـابــاً لا كِــمــامَ لــهــاوَصارَ زَادي حَنُوطِي حينَ حَنَّطَنـي
وأَخْرَجـونـي مِــنَ الدُّنـيـا فَــوا أَسَـفـاًعَـلــى رَحِــيــلٍ بِــــلا زادٍ يُبَـلِّـغُـنـي
وَحَمَّلـونـي عـلـى الأْكـتـافِ أَربَـعَــةٌمِـنَ الرِّجـالِ وَخَلْـفِـي مَــنْ يُشَيِّعُـنـي
وَقَدَّموني إِلـى المحـرابِ وانصَرَفـواخَـلْـفَ الإِمَــامِ فَصَـلَّـى ثــمّ وَدَّعَـنـي
صَلَّـوْا عَلَـيَّ صَـلاةً لا رُكــوعَ لـهـاولا سُــجــودَ لَــعَــلَّ اللهَ يَـرْحَـمُـنــي
وَأَنْزَلونـي إلــى قَـبـري عـلـى مَـهَـلٍوَقَـدَّمُــوا واحِــــداً مِـنـهــم يُـلَـحِّـدُنـي
وَكَشَّفَ الثّوْبَ عَن وَجْهي لِيَنْظُرَنـيوَأَسْكَـبَ الدَّمْـعَ مِـنْ عَيْنيـهِ أَغْرَقَـنـي
فَـقــامَ مُحـتَـرِمـاً بِـالـعَـزمِ مُـشْـتَـمِـلاًوَصَفَّـفَ اللَّبِـنَ مِـنْ فَوْقِـي وفارَقَـنـي
وقَـالَ هُلُّـوا عليـه التُّـرْبَ واغْتَنِـمـواحُسْنَ الثَّوابِ مِنَ الرَّحمـنِ ذِي المِنَـنِ
فــي ظُلْـمَـةِ الـقـبـرِ لا أُمٌّ هـنــاك ولاأَبٌ شَــفـــيـــقٌ ولا أَخٌ يُــؤَنِّــسُــنــي
فَـرِيــدٌ وَحِـيــدُ الـقـبــرِ، يــــا أَسَــفــاًعَـلـى الـفِـراقِ بِــلا عَـمَـلٍ يُـزَوِّدُنـي
وَهالَني صُورَةً في العيـنِ إِذْ نَظَـرَتْمِنْ هَوْلِ مَطْلَعِ مـا قَـدْ كـان أَدهَشَنـي
مِــنْ مُنـكَـرٍ ونكـيـرٍ مــا أَقــولُ لـهـمقَــدْ هَالَـنـي أَمْـرُهُـمْ جِــداً فَأَفْـزَعَـنـي
وَأَقْـعَـدونـي وَجَـــدُّوا فـــي سُـؤالِـهِـمُمَالِـي سِــوَاكَ إِلـهـي مَــنْ يُخَلِّصُـنِـي
فَامْنُـنْ عَـلَـيَّ بِعَـفْـوٍ مِـنـك يــا أَمَـلـيفَـإِنَّـنـي مُــوثَــقٌ بِـالـذَّنْــبِ مُـرْتَـهَــنِ
تَقاسمَ الأهْـلُ مالـي بعدمـا انْصَرَفُـواوَصَارَ وِزْرِي عَلى ظَهْرِي فَأَثْقَلَنـي
واستَبْدَلَـتْ زَوجَتـي بَعْـلاً لهـا بَـدَلـيوَحَكَّـمَـتْـهُ فِـــي الأَمْـــوَالِ والـسَّـكَـنِ
وَصَـيَّـرَتْ وَلَـــدي عَـبْــداً لِيَخْـدُمَـهـاوَصَـارَ مَالـي لـهـم حِــلاً بِــلا ثَـمَـنِ
فَــــلا تَـغُـرَّنَّــكَ الـدُّنْـيــا وَزِيـنَـتُـهــاوانْظُرْ إلى فِعْلِها في الأَهْلِ والوَطَـنِ
وانْظُرْ إِلى مَنْ حَوَى الدُّنْيا بِأَجْمَعِهـاهَـلْ رَاحَ مِنْهـا بِغَيْـرِ الحَنْـطِ والكَفَـنِ
خُـذِ القَنَاعَـةَ مِـنْ دُنْيَـاك وارْضَ بِهـالَــوْ لــم يَـكُـنْ لَــكَ إِلا رَاحَــةُ الـبَـدَنِ
يَـا زَارِعَ الخَيْـرِ تحصُـدْ بَعْـدَهُ ثَمَـراًيَا زَارِعَ الشَّرِّ مَوْقُوفٌ عَلَـى الوَهَـنِ
يَا نَفْسُ كُفِّي عَنِ العِصْيانِ واكْتَسِبِـيفِـعْــلاً جـمـيـلاً لَـعَــلَّ اللهَ يَرحَـمُـنـي
يَا نَفْسُ وَيْحَكِ تُوبي واعمَلِـي حَسَنـاًعَسى تُجازَيْـنَ بَعْـدَ المـوتِ بِالحَسَـنِ
ثـمَّ الـصـلاةُ عـلـى الْمُخـتـارِ سَيِّـدِنـامَا وَصَّا البَـرْقَ فـي شَّـامٍ وفـي يَمَـنِ
والـحـمــدُ لله مُمْـسِـيـنَـا وَمُصْـبِـحِـنَـابِالخَيْـرِ والعَفْـوْ والإِحْـسـانِ وَالمِـنَـنِ